الهلال وبس

في كأس العالم مكسيكو 86 أجمعت الصحف الإنجليزية ..- خسرنا من مارادونا ولم نخسر من الأرجنتين ..- .
وعندما سجل ميسي هدفين في قلب مدريد على خصمه التقليدي الريال .. الأول جاء من تحليق قزاحي لعصفور الشرق المغربي إبراهيم أفلاي وتمريرة لفها ميسي في علبة حلوى وأودعها زغرودة في مرمى كاسياس ..والثاني ..إستأذن فيه ميسي مارادونا ..وقال لكل الأساطير ..ميسي هنا ..عفوا دييغو ..سجل هدفا دوخ فيه المساحات والمدافعين والمرمى ..ودوخنا جميعا ..ليؤكد أن ميسي وحده يحدث الفارق ..فهل يقول المدريليون أن ميسي وحده هزمنا ..؟

ومنذ زمن العمالقة في كرة القدم ..ديستيفانو وبيليه ومارادونا وحتى ميسي اليوم تتأكد النظرية الثابثة في اللعبة – إن كرة القدم لعبة جماعية تمارس من طرف الأفراد ..-..ولكن المدريليون يقولون أن برشلونة فاز بعد طرد بيبي ومورينهو ..وتناسوا أن صرامة اللعب والقتالية و الإنضباط التكتيكي لا يصنعون فريقا إحتفاليا ..ليس هذا وحسب ..بل أن برشلونة وليس بمدربه الشاب غوارديولا ولكن بالعبقري الهولندي يوهان كرويف من صنع ويصنع هذه المنظومة الإحتفالية ..المغلفة بكل أوجه النجاعة والفعالية في كرة القدم ...

..عندما كان كرويف يدرب برشلونة سابقا ..خرج النجم المجري نجمها آنذاك ستايشكوف بتصريح لم ينتبه إليه أحد..أو اهتم به .. ولكن سجله بعناية كل المدربين الكبار في العالم ....قال ستايشكوف –إن كرويف لايهمه أن تفقد الكرة عند المراوغة أو تسدد خارج إطار المرمى ..ولكنه متشدد جدا وكثيرا في أن تكون تمريرة أي لاعب خاطئة ....ويعني هذا كله بوضوح الإحتفاظ بالكرة أطول وقت ممكن ..وقد سبق وصرح مدرب الأرسنال اللندني الحالي الفرنسي أرسن فينغر ..- إن أي فريق يستطيع أن يتملك الكرة ..هو فريق كبير وقوي ... ..وإذا كان كرويف يعتمد الأسلوب الهولندي في اللياقة البدنية ويجنح دوما للتدريب في المرتفعات والغابات – الأكسجنة - ..فإنه بالمقابل وتقنيا من الأوائل الذي ركز على تداريب برشلونة في ملاعب صغيرة المساحة ..بل واستعمل شبكة الكرة الطائرة لكنه أنزلها لتلامس الأرض ..وهي طبعا عودة ملحة للعب اللاتيني القصير ..وصقل سرعة التمرير حتى في الفضاءات الضيقة ..وكله يكمل عملية إمتلاك الكرة و الإحتفاظ بها ..ولعل الدليل أمامكم ..فعندما تلعب البارصا إحسبوا كم لمسة وكم تمريرة ..والكرة دوما في حوزة الفريق الكاطلاني ..

.. واللعب القصير هو ممتع إحتفالي ..لكنه بالمقابل يحتاج لياقة بدنية عالية جدا ..وهو ما يؤمن به كرويف ..لكنه أيضا يؤمن بالذكاء المهاري للاعب عندما يقول – اللاعب الغبي يجري أكثر من الكرة ..لابد أن تجري الكرة أكثر من اللاعب ....وطبعا عندما تصبح هذه المنظومة التقنية والتكتيكية مطبقة ومنفذة من طرف لاعبين فنانين كما في برشلونة يصبح الفريق الكبير والقوي والرائع هو برشلونة لا غيره ..وتصبح – المصيبة – عند الآخرين أن برشلونة يلعب له أفضل لاعب في العالم ..هو أسطورة هذا الجيل ميسي ..

..وطرحت هذه القناعة في نهج اللعب لأتناول مقاربة صغيرة ولما صرح به النجم والهداف المستحل ياسر القحطاني ..عندما دافع ضد إدعاءات الآخرين بأن أجانب الهلال هم الذين يحققون الفارق ..وهو محق في ذلك ..لأن الفارق الحقيقي بين الهلال والآخرين هو نهج اللعب ..عند الهلال إنضباط تكتيكي ..تملك الكرة ..إستعادتها بسرعة ..متغيرات تكتيكية جيدة ومفاجئة ..لاعبون نجوم ..إكتمال التوافق التقني والتكتيكي – لايوجد نقص يذكر في التموضعات ..أي لايوجد مكان لعب فيه نقص واضح أو خطير - ..تدفق هجومي ضاغط ..وقوة وذكاء في الدفاع والوسط ..إضافة إلى إدارة تتألق في مجالها ..ولا تتدخل في المجالات التقنية .. صحيح أن ويلهامسون مهاجم رائع .. ولكنه فرد وسط المجموعة ..وإذا لم يلعب قد يتأثر الفريق ..وأيضا لو لم يلعب ميسي سيتأثر برشلونة ..فكرة القدم تمارس من طرف الأفراد ..لكنها في الأصل والأصح لعبة جماعية ... هناك في الغرب برشلونة الأقوى والأمتع ... وهنا الهلال الأقوى والأمتع ..أما السفسطائي فتلك مهنته ..والأمية من صميم شخصيته.